حلم "تسلا" بتكلفة 800 مليار دولار في الروبوتاكسي يصطدم بالواقع

حلم "تسلا" بتكلفة 800 مليار دولار في الروبوتاكسي يصطدم بالواقع -- Jul 02 , 2025 232

المصدر:
بلومبرغ

رغم أن الوقت يكون في صالح "تسلا" عادةً، على خلافنا نحن البشر الفانون، فإن إطلاق الشركة خدمة سيارة الأجرة ذاتية القيادة "روبوتاكسي" (robotaxi) هذا الأسبوع كان على عكس ذلك، وجاء في فترة ضعف استثنائي للشركة.

فيما يخص جهود "تسلا" للهيمنة في مجال المركبات ذاتية القيادة، يمثل العدد الضئيل من سيارات الأجرة ذاتية القيادة من طراز "موديل واي" التي تقدم حالياً رحلات مدفوعة الأجر في أوستن لحظة فارقة، لكنها تشكل عبئاً ثقيلاً أيضاً نظراً لمسار الشركة في تطوير القيادة الذاتية، وسجل الرئيس التنفيذي إيلون ماسك الحافل بالمبالغة في الوعود بشأن قدراتها.

فما تحاول "تسلا" ترويجه هو أن المركبات التي تبيعها مجهزة بالمعدات اللازمة لأن تتحول إلى سيارات أجرة ذاتية القيادة، وأن برنامجها للقيادة الذاتية، المُدرَّب على بيانات عدد كبير من السيارات الحالية قادها مختبرون للنسخة التجريبية دون أجر، يستطيع التعامل فعلياً مع أي موقف. رغم ذلك، فإن إطلاق الخدمة في أوستن اتسم بقيود أكثر من الإمكانيات، إذ تعمل في منطقة محدودة، وتقتصر على العملاء الذين تلقوا دعوات، وتواجد في كل مركبة "مُراقب للسلامة".

إن الوعود بنشر سيارات الأجرة ذاتية القيادة في كل مكان، وطرح مركبة -بعد تأخير- تجوب شوارع جنوب أوستن فقط وبها شخص دون أجر لا تعزز مصداقية "تسلا"، بل إنها تقوّض المبرر الواهي لارتفاع سعر سهمها.

توقعات الروبوتاكسي تفسر ارتفاع سهم "تسلا"
بحسب التقديرات السخية، يحقق نشاط السيارات الكهربائية الأساسي في "تسلا" 75% من إجمالي الأرباح، لكن مع تراجع المبيعات، فإن قيمته السوقية قد تبلغ 50 دولاراً للسهم، ما يمثل 15% فقط من السعر الحالي. أما أغلب السعر المتبقي، فيرتبط بالتوقعات بشأن القيادة الذاتية. فعلى سبيل المثال، أرجعت شركة "آر بي سي كابيتال" (RBC Capital) %59، أي 181 دولاراً، من سعر السهم المستهدف إلى سيارات الأجرة ذاتية القيادة، و53 دولاراً أخرى إلى تحقيق عائدات من تكنولوجيا القيادة الذاتية الكاملة. 

ويبلغ إجمالي هذه التقديرات معاً 815 مليار دولار، اعتماداً على مكررات من أرقام ثنائية للإيرادات -لا الأرباح- المتوقعة خلال 10 سنوات إلى 15 سنة من الآن، إذ إنها مرتبطة، في نهاية الأمر، بأنشطة بالكاد تدر عائدات في الفترة الحالية.

قد تخضع هذه التقديرات لإعادة التقييم، لكن هذا يصب في مصلحة "تسلا". فكر فيما يلي: خلال العامين الماضيين تباطأ نشاط السيارات الكهربائية في "تسلا"، وأخفق إطلاق شاحنة "سايبر ترك" (Cybertruck)، وظل تحقيق الوعد بطراز منخفض التكلفة بعيد المنال، وتراجعت الأرباح. ورغم ذلك، زاد مكرر الأرباح المستقبلية للسهم أكثر من الضعف إلى نحو 140 مرة منذ أجرى ماسك تحولاً كبيراً في استراتيجية الشركة نحو سيارات الأجرة ذاتية القيادة والروبوتات أوائل 2024. 

تُعد مكررات الأرباح مؤشرات رقمية على الثقة. لم يهم أن ماسك روّج لسنوات لسيارات أجرة ذاتية القيادة مرتقبة من دون الوفاء بذلك. ومع وجود نحو ملياري سيارة ركاب تجوب طرق العالم، فإن السوق المحتملة لـمركبات الأجرة ذاتية القيادة هائلة، والمُرجح أن "تسلا" ستصبح من كبرى شركات هذه السوق، في فترة غير محددة بعد، إلا أنها مربحة بلا شك، في المستقبل. 

بطء "تسلا" يتيح الفرصة أمام المنافسين
لكن الثقة لا تصمد أمام الواقع، وهذا ما أثبته إطلاق سيارة الأجرة ذاتية القيادة الأسبوع الماضي. فالواضح أنه بعدما سخرت "تسلا" من نهج منافستها "وايمو" (Waymo) الحذر في التوسع من مدينة لأخرى، باتت تحذو حذوها مع بدء تقديمها الخدمة. وحتى كتابة هذه السطور، لم يُبلغ سوى عن واقعة "مخاوف مرتبطة بالسلامة" واحدة فيما يخص سيارات الأجرة ذاتية القيادة من "تسلا" على منصة البيانات الإلكترونية لمدينة أوستن. غير أن الجهات التنظيمية الفيدرالية تحقق بالفعل في حالات موثقة بمقاطع مصورة تبدو فيها سيارات الأجرة ذاتية القيادة من "تسلا" خالفت قوانين المرور.

ربما تكون هذه عثرات البدايات، لكن رهاناً بقيمة اسمية تبلغ 800 مليار دولار لا يترك مجالاً لهذه العثرات. وبإطلاق الخدمة، بدأت "تسلا" العد التنازلي لإثبات التقدم. وتكمن المسألة الحاسمة هنا في مدى سرعة قدرتها على تحقيق النمو في هذا النشاط، ولا يقتصر ذلك على تحقيق الإيرادات، بل وإثبات صحة التوقعات الأساسية.

على سبيل المثال، تشكل استراتيجية الاعتماد على عدد قليل من أجهزة الاستشعار، وتجنب أنظمة مثل تصوير واكتشاف وتحديد المدى بأشعة الليزر "الليدار" (LiDar)، إحدى الميزات الرئيسية التي تزعمها "تسلا"، وتجعل سيارة الأجرة ذاتية القيادة التابعة لها أقل تكلفة مقارنة بالسيارات التي تشغلها "وايمو" المزودة بالتكنولوجيا المتقدمة. لكن ذلك لن يتأكد ما لم تتوسع "تسلا" بوتيرة سريعة، إذ بإمكان "وايمو"، التي تقدم أكثر من 250 ألف رحلة أسبوعياً في الفترة الحالية، أن توزع التكلفة المرتفعة لمركباتها على العدد الكبير من الرحلات المدفوعة.

في المقابل، كلما استغرق توسع "تسلا" مدة أطول، زاد الوقت المتاح أمام المنافسين الآخرين، مثل "زوكس" (Zoox) التابعة لـ"أمازون"، لترسيخ مكانتهم. وفي سوق بهذه الحداثة والنشاط، فإن نطاق النتائج المحتملة مربك. ففي محاولة حديثة أجراها المحللون لدى "غولدمان ساكس" لوضع نماذج لأحجام وهوامش أرباح مختلفة لأسطول "تسلا" المتوقع من سيارات الأجرة ذاتية القيادة في 2040، تراوحت القيم ما بين 2.5 دولار و81.75 دولار للسهم. راهن أنت على النتيجة التي تتوقعها.

فرضية تجهيز سيارات "تسلا" للروبوتاكسي أمام اختبار
يمتد ذلك إلى جوانب أخرى من التقييم. فسبق أن أشرت إلى أن أشوك إيلوسوامي، مدير هندسة القيادة الذاتية في "تسلا"، أدلى بتصريح غريب خلال مؤتمر الإعلان عن الأرباح الماضي، إذ لفت إلى أن سيارات "موديل واي" المستخدمة في إطلاق الخدمة في أوستن زُودت بجهاز استشعار صوتي. ونقلت "بيزنس إنسايدر" الأسبوع الماضي، عن مصادر لم تسمها، أن "تسلا" تطور سيارات معدلة من طراز "موديل واي" لاستخدامها كسيارات أجرة ذاتية القيادة، تضم حماية إضافية للكاميرات ووحدة ثانية للاتصالات. وقد تواصلت مع إدارة علاقات المستثمرين في "تسلا" للحصول على تعليق، لكنني لم أتلق رداً.

هذه مسألة جوهرية، إذ تقوّض الفرضية الأساسية بإمكانية استخدام كل مركبات "تسلا" فعلياً كسيارات أجرة ذاتية القيادة. وبخلاف التكاليف المترتبة على ذلك، بما يشمل التبعات على العلامة التجارية، فإنه لن يدعم مصدراً آخر للأرباح المستقبلية طال الحديث عنه؛ ترخيص تكنولوجيا "تسلا" لسيارات الأجرة ذاتية القيادة للشركات الأخرى.

ويبدو أن هذا يشكل عنصراً من استراتيجية "وايمو" أيضاً، إذ وافقت الشركة في الآونة الأخيرة على شراكة أولية مع "تويوتا". ومن اللافت أيضاً أن أسهم "موبايلي غلوبال"، مقدمة تكنولوجيا المساعدة في القيادة والقيادة الذاتية لعدد من شركات السيارات، ارتفعت 25% هذا الأسبوع، رغم إطلاق "تسلا"، أو ربما بسببه.

الأمر الأكثر أهمية، أنه جرى التغاضي عن تأخيرات "تسلا" السابقة بافتراض أن سيارات الأجرة ذاتية القيادة التي تطورها ستكتسح السوق عند إطلاقها. صحيح أن بعد عام من الآن قد ننبهر بتقدم "تسلا"، وربما تنتشر آلاف سيارات الأجرة ذاتية القيادة في مدن عديدة. لكن الإطلاق لم يوح بالثقة في ذلك. والأكثر أهمية، مجرد تأجيل الحلم بات رفاهية لم تعد "تسلا" تملكها.

أقرأ أيضاَ

كلفت 25 مليار دولار.. روسيا تدرس بيع حصتها في أول محطاتها النووية بتركيا

أقرأ أيضاَ

مصر تغلق 80% من نقاط تجميع القمح المحلي للموسم الحالي